كلما ذهبت إلى مدينة 6 أكتوبر لابد أن يصدمنى كل مرة مشهد هذا المبنى الضخم المهجور، الذى يقف شاهداً على سوء الإدارة المصرية وسوء النية أيضاً، جامعة النيل التى من المفروض أن تكون أيقونة ثورة الشباب، لأنها قامت من أجل عصرهم الجديد، عصر المعلومات والاتصالات والنانوتكنولوجى، لكنها للأسف احتضرت وأصابها الموت الإكلينيكى بعد ثورة يناير، خرست المدرجات وأصيبت المعامل بالشلل وصار أبناؤها يعيشون بطالة مقنعة وإحباطاً مزمناً، يدفعون فاتورة كراهية رئيس وزراء أسبق ويسددون ضريبة تشفٍ فى نظام بائد!

كان توقيع تحويلها إلى جامعة أهلية جاهزاً على مكتب المسؤولين قبل 25 يناير مباشرة، فهل تصبح جامعة النيل التى من المفروض أن تكون خير معبر عن ثورة يناير التى قامت على أكتاف لغة الاتصالات الحديثة والـ«فيس بوك» وشفرات الشبكة العنكبوتية، ضحية لهذه الثورة التى قامت من أجل التغيير لا من أجل تشريد شباب حلم بتغيير مصر من خلال العلم؟!

ما هى جامعة النيل التى لا أعرف رئيسها وليس لى فيها ابن أو قريب؟ سألخصها لكم فى أرقام حتى تلمسوا أهميتها:

يعمل بالجامعة نحو 40 عالماً مصرياً، تم استقطابهم من الخارج‎ ‎والداخل، قاموا بنشر أكثر من 700 بحث فى السنوات الأربع الماضية، منها أكثر من 250 بحثاً من جامعة النيل، مع طلبة الدراسات العليا من شباب مصر.

أكثر من90% من طلبة الدراسات العليا يحصلون على منح تعليمية بواقع من 20 إلى 100% من مصاريف الدراسة، ومن هؤلاء 115 طالب دراسات عليا يدرسون مجاناً تماماً، أى أن منحهم تبلغ 100%، و104 من الأخيرين هم مساعدو باحثين، ويحصل كل منهم على راتب، ومحصلة هذا الجانب وحده أن 40% من طلبة الدراسات العليا يدرسون مجانا تماما، وبالنسبة للطلبة نجد أن 22% يدرسون مجاناً وأن 45% يحصلون على منح 50% خصماً من مصاريف الدراسة.

لدى جامعة النيل علاقات أكاديمية مع جامعات عالمية مرموقة، ومنها ستانفورد وميامى ونورث ويسترن وأوهايو ستيت وهارفارد ومينسوتا وإمبريال كولدج، ولديها أبحاث مشتركة فى مجال أبحاث مهمة مع بعض تلك الجامعات، ومع كبريات الشركات العالمية فى مجالات علوم الكمبيوتر وهندسة المواد والسيارات الذكية... إلخ.

جوهر عملها والدراسة بها هو البحوث المرتبطة بما هو مستقبلى، كالنانو تكنولوجى وتطبيقات البرمجيات والحوسبة السحابية واللوجستيات والطاقة الجديدة والمتجددة.

إذا أردنا أن ننتقم من أحمد نظيف فلا يمكن أن يمتد انتقامنا إلى شباب كل خطيئته أنه قرر أن يحلم ويحقق حلمه ويدخل إلى بوابة الزمن الجديد، لا يمكن أن نظل نسحل أبناءها وطاقم تدريسها الذى لا يجد أحدهم كرسياً يجلس عليه، وعلى بعد أمتار منه مبنى عظيم مجهز لا يستطيع دخوله بسبب الروتين والتعقيدات وختم النسر وعقلية الأرشيف التى كنا قد ظننا أنها انتهت بعد الثورة، لا يمكن أن نسحلهم تحت دعوى أنها كانت فكرة أحمد نظيف!!